قصة الطفلة "أسماء".. حلمها أن تكتب "أحبك" وانتهى بها المطاف شهيدة الإهمال
![]() |
قصة الطفلة "أسماء".. حلمها أن تكتب "أحبك" وانتهى بها المطاف شهيدة الإهمال |
✍️ قصة واقعية مؤثرة على لسان صاحبها… يقول:
تعودت كل ليلة أن أتمشى قليلاً خارج منزلي، لمدة نصف ساعة، وكنت في طريقي اليومي أرى طفلة صغيرة لا تتعدى السابعة من العمر، تركض خلف الفراشات المتجمعة حول مصباح إنارة قديم على سور أحد المنازل. كانت ترتدي فستانًا ممزقًا ولا تنتعل حذاء، وشعرها طويل وعيناها خضراوان… طفلة من عالم آخر، لكنها كانت تبتسم حين تراني، وكأنها ترى في وجهي أمانًا ضائعًا.
طفلة اسمها "أسماء"… وعالمها غرفة خشبية
تعرفت عليها وسألتها عن اسمها، فأجابت: "أسماء"، وأشارت إلى غرفة خشبية صغيرة وقالت: "هذا عالمنا، أعيش فيه مع أمي وأخي خالد بعد أن توفي والدي بحادث سير وكان يعمل سائقًا".
كانت كل يوم تراقب الطالبات وهن يدخلن المدرسة وتقول لي: "أمنيتي أن ألبس زيهم وأدخل هذا الباب الصغير لأتعلم مثلهم…"
أعلّـمها "أحبك" على الرمل.. وهي تخيطها بدمها
توطدت علاقتي بها، وكنت كل ليلة أجلب لها شيئًا بسيطًا: حذاء، لعبة، قطعة قماش… حتى طلبت مني مرة أن أعلّمها كيف تكتب كلمة "أحبك".
جلست معها تحت عمود الإنارة، وكتبت لها الكلمة على الرمل، كانت تنظر وتبتسم. كررت ذلك كل ليلة حتى أصبحت تكتبها بمهارة.
الوداع الأخير.. دون أن أعلم
في ليلةٍ طلبت مني أن أغمض عيني، ففعلت، وفوجئت بها تقبّلني ثم تركض نحو غرفتها… لم أعلم أنها كانت تودّعني.
في اليوم التالي سافرت خارج المدينة ولم أتمكن من لقائها… وعدت بعد أسبوعين، وكنت مشتاقًا لرؤيتها أكثر من أي شيء آخر.
ولكن أسماء لم تكن هناك…
لم أجدها في مكانها المعتاد، ولا تحت عمود الإنارة… مرت خمسة أيام دون أن أراها. قررت أن أطرق باب الغرفة الخشبية، فخرج أخوها ثم أمها، وحين رأتني الأم قالت وهي تبكي: "لقد وصفتك لي تمامًا… وطلبت مني أن أعطيك شيئًا إذا حضرت".
سألتها عن الأمر، فأخبرتني أن "أسماء" توفيت بعد أن اشتدّ عليها المرض، ولم يتم قبولها في المستشفى الخاص بسبب المال، ولا في الحكومي لعدم وجود ملف… ماتت بين يدي والدتها وهي تقول: "سيأتي ليسأل عني… أعطيه هذه القطعة."
قطعة قماش.. وكلمة "أحبك" مطرزة بدمها
فتحت القطعة، فإذا بها قطعة قماش مربعة، نقشَت عليها كلمة "أحبك" بخيط أحمر… ممزوج بدمها. حينها عرفت لماذا أرادت تعلُّم كتابة هذه الكلمة… ولماذا أخفت يدها في آخر لقاء.
كانت تغرز أصابعها بالإبرة وهي تخيط الكلمة لي، وللأسف.. رحلت قبل أن أقول لها أنا أيضًا "أحبك".
اللهم ارحم الطفلة "أسماء" وكل من مات ظلمًا بسبب الإهمال والفقر.